فصل: باب: اختلاف مذاهبهم في كيفية التلاوة، وتجويد الأداء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإقناع في القراءات السبع



.باب ياءات الإضافة:

هذا باب ذكره غير واحد من الشيوخ هكذا، وهو كثير الفائدة؛ لما فيه من حصر اختلافهم في الياءات، فمن حفظه استغنى عن النظر في الفرش، ورجع إلى قياس يعمل عليه فيها.
وأنا أسوقه على ما حدثني به أبو داود، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن عن أبي عمرو عثمان بن سعيد، وأبو علي الصدفي عن أبي طاهر بن سوار عن أبي علي العطار، وأبو الحسن بن كرز عن أبي القاسم بن عبد الوهاب، إن شاء الله تعالى.
قال أبو عمرو وأبو علي: جملة ما اختلفوا في فتحه وإسكانه مائتا ياء، وأربع عشرة ياء.
وهي لا تخلو أن تلاقي همزة مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة، أو تلاقي ألف اللام، أو ألف الوصل، أو سائر حروف المعجم.
الأول: لقاؤها المفتوحة، نحو {إِنِّي أَعْلَمُ}، {إِنِّي أَخَافُ}، {لِي أَنْ أَقُولَ} [المائدة: 116].
وجميع ما في القرآن منها تسع وتسعون ياء، كذا قال أبو عمرو، وقال أبو علي: مائة ياء، زاد {أَرِنِي أَنْظُرْ} في [الأعراف: 143] والاختيار ألا تعد. . . . في المختصر على إسكانها.
وقال عبد الوهاب: مائة ياء وياء واحدة، ففتحها حيث وقعت الحرميان وأبو عمرو.
وتفرد نافع بفتح ياءين: {هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو} في [يوسف: 108]، و {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} في [النمل: 40].
وروي ورش عنه: {أَوْزِعْنِي} فيهما [النمل: 19، الأحقاف: 15] بالفتح.
واختُلف فيهما عن قالون، والأشهر عنه الإسكان.
وتفرد ابن كثير بفتح ثلاث ياءات: في [البقرة: 152] {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وفي [غافر] {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} [26]، و {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [60].
ونقض أصله في روايتيه في عشرة مواضع، فسكن الياء فيها، في [آل عمران: 41]، [ومريم: 10] {اجْعَلْ لِي آيَةً}، وفي [هود: 78] {فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ}، وفي [يوسف] {أَحَدُهُمَا إِنِّي} {وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي} [36]، و {حَتَّى يَأْذَنَ لِي} [80]، و {سَبِيلِي أَدْعُو} [108]، وفي [الكهف: 102] {مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ}، وفي [طه: 26] {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}، وفي [النمل: 40] {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ}.
وزاد قنبل عنه سبعة مواضع، فسكن الياء فيها، في [هود: 29]، [الأحقاف: 23] {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ}، وفيها [هود: 51، 84] {فَطَرَنِي أَفَلا}، و {إِنِّي أَرَاكُمْ}، وفي [النمل: 19]، [والأحقاف: 15] {أَوْزِعْنِي أَنْ}، وفي [الزخرف: 51] {مِنْ تَحْتِي أَفَلا}.
روى أبو ربيعة عن قنبل وعن البزي في [القصص: 78] {عِنْدِي أَوَلَمْ} بالإسكان.
وأسكن أبو عمرو اثنتي عشرة ياء، الياءات الثلاث التي تفرد ابن كثير بفتحها، وتسع ياءات سواها، في هود {فَطَرَنِي أَفَلَا}، وفي [يوسف: 13] {لَيَحْزُنُنِي أَنْ}، و {سَبِيلِي أَدْعُو}، وفي [طه: 125] {لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى}، وفي النمل {أَوْزِعْنِي أَنْ}، و {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ}، وفي [الزمر: 64] {تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}، وفي [الأحقاف: 15، 17] {أَوْزِعْنِي أَنْ} و {أَتَعِدَانِنِي أَنْ}.
وفتح ابن عامر في روايتيه ثماني ياءات: {لَعَلِّي} حيث وقعت، و {مَعِيَ أَبَدًا} [التوبة: 83]، و {مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا} [الملك: 28] لا غير.
وزاد عنه ابن ذكوان {أَرَهْطِي أَعَزُّ} [هود: 92] وزاد هشام {مَا لِي أَدْعُوكُمْ} [غافر: 41].
وفتح حفص ياءين في [التوبة: 83]، [والملك: 28] {مَعِيَ} لا غير، وأسكنها الباقون.
الثاني: لقاؤها المكسورة، نحو {مِنِّي إِنَّكَ}، و {أَنْصَارِي إِلَى}، و {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا} وجميع ما في القرآن منها اثنتان وخمسون ياء.
ففتحها حيث وقعت نافع وأبو عمرو، وأسكن أبو عمرو منها عشرا وهي: {أَنْصَارِي إِلَى} في الموضعين [آل عمران: 52]، [الصف: 14] {وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنّ} [يوسف: 100]، و {بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ} [الحجر: 71]، و {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ} في ثلاثة مواضع [الكهف: 69، والقصص: 27، والصافات: 102]، و {بِعِبَادِي إِنَّكُمْ} [الشعراء: 52]، و {لَعْنَتِي إِلَى} [ص: 78]، و {رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ} [المجادلة: 21].
وأسكن قالون واحدة، وهي {وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ}.
وفتح ابن كثير ياءين {آبَائي إِبْرَاهِيمَ} [يوسف: 38]، و {دُعَائي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: 6]، وفتح ابن عامر خمس عشرة ياء {أَجْرِيَ إِلَّا} حيث وقعت، و {أُمِّيَ إِلَهَيْنِ} [المائدة: 116]، و {مَا تَوْفِيقِي إِلَّا} [هود: 88]، و {حُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]، و {آبَائي إِبْرَاهِيمَ} [يوسف: 38]، و {رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ} [المجادلة: 21]، و {دُعَائي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: 6].
وفتح حفص ياء {أَجْرِيَ إِلَّا} حيث وقعت، و {يَدِيَ إِلَيْكَ}، و {أُمِّيَ إِلَهَيْنِ} في [المائدة: 28، 116] لا غير.
وأسكن الباقون الياء في جميع القرآن.
الثالث: لقاؤها المضمومة، نحو {إِنِّي أُمِرْتُ} [الأنعام: 14] وجميع ما في القرآن منها عشر.
فتحهن نافع وحده، وأسكنهن الباقون.
الرابع: لقاؤها ألف اللام، وجملة ما في القرآن منها مما اختلفوا فيه أربع عشرة، في البقرة: {عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [124]، و {رَبِّيَ الَّذِي} [258]، وفي الأعراف: {رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} [33]، و {عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ} [164]، وفي [إبراهيم: 31] {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ}، وفي [مريم: 30] {آتَانِيَ الْكِتَابَ}، وفي الأنبياء: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [83]، و {عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [105]، وفي [العنكبوت: 56] {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} وفي [سبأ: 13] {عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، وفي [ص: 41] {مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ}، وفي الزمر: {إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ} [38]، و {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [53]، وفي [الملك: 28] {إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ} هكذا قال أبو علي.
وعدها أبو عمرو ست عشرة، وزاد {فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ} في [الزمر: 17، 18] و {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ} في [النمل: 36].
فأسكنها كلها حمزة، تابعه الكسائي على الإسكان في ثلاثة مواضع؛ في [إبراهيم: 31] {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ}، وفي [العنكبوت: 56، والزمر: 53] {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ}.
وتابعه أبو عمرو في الموضعين، في العنكبوت والزمر لا غير.
وتابعه ابن عامر في موضعين أيضا، في الأعراف: {عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ}، وفي إبراهيم {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ} لا غير.
وتابعه حفص على قوله في البقرة: {عَهْدِي الظَّالِمِينَ} لا غير.
وفتح الباقون الياء في ذلك حيث وقعت.
وتفرد أبو شعيب بفتح الياء في الوصل، وإثباتها في الوقف ساكنة في الزمر، في قوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ} وحذفها الباقون في الحالين.
وفتح {آتَانِيَ اللَّهُ} في الوصل نافع وأبو عمرو وحفص، وحذفها الباقون.
واتفقوا على فتح الياء في {نِعْمَتِيَ الَّتِي}، و {حَسْبِيَ اللَّهُ}، و {شُرَكَائِيَ الَّذِينَ} حيث وقعن.
وعلى {وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} في [آل عمران: 40]، و {فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ} [150]،
و {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [188]، و {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} [196] في الأعراف، و {مَسَّنِيَ الْكِبَرُ} في [الحجر: 54]، و {أَرُونِيَ الَّذِينَ} في [سبأ: 27]، و {رَبِّيَ اللَّهُ} [28]، و {جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ} [66] في غافر، و {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} في [التحريم: 3].
الخامس: لقاؤها ألف الوصل مفردة: وجملة ما في القرآن منها سبع، في [الأعراف: 144] {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ}، وفي [طه: 30، 31، 41، 42، 43] {أَخِي، اشْدُدْ}، و {لِنَفْسِي، اذْهَبْ}، و {فِي ذِكْرِي، اذْهَبَا}، وفي [الفرقان: 27، 30] {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ}، و {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا}، وفي [الصف: 6] {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}، ففتح أبو عمرو الياء فيهن.
ووافقه ابن كثير إلا في {لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} فقط، وروى عنه قنبل الإسكان أيضا في {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا}.
وأسكن نافع منهن ثلاثا {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ}، و {أَخِي، اشْدُدْ}، و {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} وفتح الأربعة الباقية.
وفتح أبو بكر {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ} فقط.
وأسكن الباقون الياء في جميعهن.
السادس: مجيئها عند باقي حروف المعجم: نحو "بيتي، ووجهي، ومماتي، ولي" وشبهه، وجملة ما في القرآن منها ثلاثون.
وقال العطار وابن عبد الوهاب: اثنتان وثلاثون ياء، زادا: {مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} في [السجدة: 17]، و {وَأُمْلِي لَهُمْ} في [القتال: 25]، وليستا بياء إضافة، وهما لام الفعل.
ففتح نافع منهن سبعا: {بَيْتِيَ} في [البقرة: 125]، [والحج: 26]، و {وَجْهِيَ}، في [آل عمران: 20]، [والأنعام: 79]، و {مَمَاتِي لِلَّهِ} فيها [الأنعام: 162]، و {وَمَا لِيَ} في [يس: 22]، و {وَلِيَ دِينِ} في [الكافرون: 6].
وزاد ورش عنه فتح أربع؛ في [البقرة: 186] {وَلْيُؤْمِنُوا بِي}، وفي [طه: 18] {وَلِيَ فِيهَا}، وفي [الشعراء: 118] {وَمَنْ مَعِيَ}، وفي [الدخان: 21] {لِي فَاعْتَزِلُونِ}.
وفتح ابن كثير خمسا {وَمَحْيَايَ} في [الأنعام: 162]، و {مِنْ وَرَائي} في [مريم: 5]، و {مَا لِيَ} في [النمل: 20، ويس: 22]، و {أَيْنَ شُرَكَائِيَ} في [فصلت: 47].
وزاد البزي بخلاف عنه {وَلِيَ دِينِ}.
وفتح أبو عمرو ياءين، و {وَمَحْيَايَ}، {وَمَا لِيَ} في يس لا غير.
وفتح ابن عامر في روايتيه ستا، {وَجْهِيَ} في الموضعين، وفي [الأنعام، 153، 162] {صِرَاطِي}، و {مَحْيَايَ}، وفي [العنكبوت: 56] {إِنَّ أَرْضِي}، و {وَمَا لِيَ} في يس.
وزاد هشام {بَيْتِيَ} حيث وقع، و {مَا لِيَ} في [النمل: 20]، و {وَلِيَ دِينِ} في [الكافرون: 6].
وفتح حفص ياء {بَيْتِيَ}، و {وَجْهِيَ}، و {مَعِيَ} حيث وقعن، و {مَحْيَايَ} في الأنعام، و {لِي} في [إبراهيم: 41]، [وطه: 18]، [والنمل: 20]، [ويس: 22]، وفي مكانين في [ص: 23، 69]، وفي [الكافرون: 6] في السبعة لا غير.
وفتح أبو بكر والكسائي ثلاثا، و {مَحْيَايَ}، و {لِيَ} في النمل ويس لا غير.
وفتح حمزة {وَمَحْيَايَ} وحدها، ولم يفتح من جميع الياءات المختلف فيهن غيرها.

.باب الزوائد:

جملة ما اختلفوا فيه من الياءات المحذوفات من الخط لكسر ما قبلهن إحدى وستون، منها اثنتان وثلاثون حشوا، وتسع وعشرون فواصل.
في النصف الأول من القسمين ست وعشرون ياء، وفي النصف الثاني منها خمس وثلاثون ياء.
فأثبت ورش منهن في الوصل سبعا وأربعين.
وأثبت قالون منهن عشرين، منها ثماني عشرة من زوائد ورش، وأفرد نفسه باثنتين وهما: {إِنْ تَرَنِ أَنَا} [الكهف: 39]، و {اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ} [غافر: 38].
واختلف عنه في أربع: اثنتان في النصف الأول وهما {الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} في [البقرة: 186]، واثنتان في النصف الثاني وهما {التَّلاقِ}، و {التَّنَادِ} في [غافر: 15، 32] والمشهور عنه حذفها.
وأثبت ابن كثير في الوصل والوقف اثنتين وعشرين.
واختلف قنبل والبزي عنه في خمس {وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} في [إبراهيم: 40]، و {يَدْعُ الدَّاعِ} في [القمر: 6]، و {أَكْرَمَنِ}، و {أَهَانَنِ} في [الفجر: 15، 16]، فأثبت البزي الأربع في الحالين، وحذفهن قنبل في الحالين.
وقرأت من طريق أبي الطيب لقنبل {بِالْوَادِ} في [الفجر: 9] بإثبات الياء في الوصل فقط.
والذي قرأت به على أبي القاسم من طريق ابن مجاهد وابن شنبوذ والزينبي وأبي ربيعة وأبي عون وجماعة وسواهم، كلهم عن قنبل بإثبات الياء في الحالين كالبزي.
وقد قال أبو الطيب في "كتاب الياءات": أكثر أصحاب قنبل يثبتون الياء في الوصل والوقف ، وهو المشهور عنه.
قال: وذكر قنبل في كتابه بياء ثابتة، ولم يذكر وصلا ولا وقفا.
وذكر ابن مجاهد أنه قرأ على قنبل بياء في الوصل فقط، وذكر في "السبعة" كالبزي، وبإثباتها لقنبل في الوصل أخذ أبو الطيب، وبه أخذ مكي وأبو عمرو.
وقال أبو عمرو: وهو الصحيح عن قنبل.
قال أبو جعفر: وبالوجهين آخذ من طريق ابن مجاهد، ولا خلاف عن البزي أنه أثبت الياء فيه في الحالين.
وبذلك آخذ لقنبل من طريق غير ابن مجاهد.
وتفرد قنبل بإثبات الياء في {مَنْ يَتَّقِ} في [يوسف: 90] في الحالين.
وقيل عنه كذلك في {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12].
وأثبت منهن أبو عمرو في الوصل فقط أربعا وثلاثين، كلهن في حشو الكلمة لا رأس آية، إلا {وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} في [إبراهيم: 40]، و {يَسْرِ} في [الفجر: 4] فهما رأسا آيتين.
وخير في حكاية جماعة عن اليزيدي عنه في قوله تعالى: {أَكْرَمَنِ}، و {أَهَانَنِ}.
وأخذ له مكي وأبو عمرو بالحذف لأنهما رأسا آيتين، وغيرهما يأخذ بالإثبات فيهما في الوصل.
وكذلك كان أبو حفص الكتاني يأخذ، والأول أقيس.
وأثبت الكسائي منهن في الوصل ياءين {يَوْمَ يَأْتِ} في [هود: 105]، و {مَا كُنَّا نَبْغِ} في [الكهف: 64] لا غير.
وأثبت حمزة منهن في الوصل: {وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} في [إبراهيم: 40] وأثبت في الحالين: {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} في [النمل: 36] لا غير.
وحذفهن كلهن عاصم في الحالين، واختلف عنه في ياءين:
إحداهما: في [النمل: 36] {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ} فتحها حفص في الوصل، وأثبتها ساكنة في الوقف.
والثانية: في [الزخرف: 68] {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} فتحها أبو بكر في الوصل، وأثبتها ساكنة في الوقف، وحذفها حفص في الحالين.
وأثبت ابن عامر من طريق الحلواني عن هشام عنه الياء في الحالين في قوله تعالى: {ثُمَّ كِيدُونِ} في [الأعراف: 195] لا غير.
الياءات الثابتة في السَّواد:
في البقرة: {وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ} [150]، و {يَأْتِي بِالشَّمْسِ} [258].
وفي [آل عمران: 31] {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}.
وفي الأنعام: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي} [77]، و {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ} [158]، و {هَدَانِي رَبِّي إِلَى} [161].
وفي الأعراف: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [53]، و {فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ} [178].
وفي [هود: 55] {فَكِيدُونِي جَمِيعًا}.
وفي يوسف: {مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا} [65]، و {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [108].
وفي [إبراهيم: 36] {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}.
وفي [الحجر: 87] {مِنَ الْمَثَانِي}.
وفي [النحل: 111] {يَوْمَ تَأْتِي}.
وفي [سبحان: 53] {قُلْ لِعِبَادِي}.
وفي [الكهف: 70] {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ}.
وفي [مريم: 43] {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا}.
وفي [طه: 90] {فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي}.
وفي النور: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [2]، و {أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي} [55].
وفي [القصص: 22] {أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
وفي [يس: 61] {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا}.
وفي [ص: 45] {أُولِي الْأَيْدِي}.
وفي الزمر: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ} [24]، و {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي} [57].
وفي [الرحمن: 41] {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي}.
وفي الصف: {لِمَ تُؤْذُونَنِي} [5]، و {بِرَسُولٍ يَأْتِي} [6].
وفي [المنافقون: 10] {لَوْلا أَخَّرْتَنِي}.
اتفقوا على إثباتها كلها وصلا ووقفا لثبوتها في الخط، إلا ما روى التغلبي، وأحمد بن أنس، وإسحاق بن داود، ومضر بن محمد، عن ابن ذكوان، من حذفها في قوله: {فَلا تَسْأَلْنِ عَنْ شَيْءٍ} في الكهف، وهي رواية ابن شنبوذ والسلمي والمري وابن النجاد وابن عتاب عن الأخفش عنه.
وكذلك ذكره الأخفش في كتابه العام، وذكر في كتابه المعلل بالياء وصلا ووقفا، وكذلك روى ابن الأخرم والنقاش عنه.
وكذلك روى أبو إسماعيل الترمذي وابن موسى وجماعة عن ابن ذكوان.

.باب: اختلاف مذاهبهم في كيفية التلاوة، وتجويد الأداء:

اعلم أن القراء مجمعون على التزام التجويد، وهو إقامة مخارج الحروف وصفاتها، فأما أسلوب القراءة، من حدر وترتيل، بعد إحراز ما ذكرنا، فهم فيه متباينون غير مستوين.
فحمزة، والمصريون عن ورش عن نافع، يُمططون اللفظ، ويمكنون المد والتشديد، ويزيدون أدنى مد في حروف المد واللين، نحو قوله تعالى: {يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، و {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، و {الْمِيعَادَ}، و {مِيرَاثُ}، و {يَأْمُرُهُمْ}.
ويشبعون الحركات حيث كانت، نحو قوله تعالى: {الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 3، 4، 5]، و {الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3]، و {الْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ} [المائدة: 3] وشبه ذلك، وهذا هو الإشباع الذي نص عليه سيبويه فقال: "هذا باب الإشباع في الجر والرفع، وغير الإشباع والحركة كما هي، فأما الذين يشبعون فيمططون، وعلامتها واو وياء، وهذا تحكمه لك الشفاهة، وذلك قولك: يضربها، ومن مأمنك".
وأما قالون وابن كثير وأبو عمرو فقراءتهم على خلاف ذلك؛ لأنهم يذهبون إلى السهولة في التلاوة والحدر والتدوير، من غير إفراط في التشديد، ولا مبالغة في التحقيق.
وكذلك قراءة الكسائي قراءة بين القراءتين إلى الحدر ما هي.
وكذلك ابن عامر، وقد حكي عن ابن ذكوان عنه الأخذ بالتحقيق.
وأما عاصم فكما وصفه شريك بن عبد الله، صاحب مد وهمز وقراءة شديدة، وهو في ذلك دون حمزة؛ ولهذا كله حدود تحكمها المشافهة، فلا يدفع أن يكون الأخذ لهم بالترتيل أكثر استيثاقا لمخارج الحروف وصفاتها من الأخذ بالحدر أو التوسط، والكل غير خارج عن حد التجويد إلى الإخلال بالحروف.
ولذلك ما وجدنا أهل الأداء ربما أخذوا لمن مذهبه الترتيل بالحدر، ولمن مذهبه الحدر بالترتيل.
هذا أبو عمرو، على ما تقرر من أخذه بالإدراج وإيثاره التخفيف، قد أخذوا له بالتحقيق.
حدثني أبو الحسن علي بن أحمد بن كرز قراءة مني عليه قال: حدثني أبو القاسم بن عبد الوهاب قال: سمعت أبا علي الأهوازي يقول: سمعت أبا الحسن العلاف البصري يقول: قرأت لأبي عمرو باشتقاق التحقيق بعد قراءتي لحمزة على أبي الطيب الإصطخري خمسا وثلاثين ختمة، وختمة إلى آخر رأس الجزء من "سبأ"، ومات الشيخ -رحمه الله- فتممتها على قبره.
واشتقاق التحقيق مرتبة جعلها الأهوازي زائدة على مرتبة التحقيق في أقسام قسّم إليها وجوه القراءة، سنذكرها على ما حكي لنا عنه، إن شاء الله.
وهذا حمزة، على ما ثبت من أخذه بالتحقيق والتصعيب على القارئ عليه حتى ناله في ذلك ما نال، قد أخذ له غير واحد من البغداديين بالحدر.
وقد قرأنا له بالحدر، فلولا استواء الحدر مع الترتيل في حصول التجويد ما كان ذلك.
فأما الأقسام التي ذكرها الأهوازي: فحدثني أبو الحسن بن كرز بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو القاسم بن عبد الوهاب، قال لي شيخنا الأهوازي: اعلم أن القرآن يُقرأ على عشرة أضرب: بالتحقيق، وباشتقاق التحقيق، وبالتجويد، وبالتمطيط، وبالحدر، وبالترعيد، وبالترقيص، وبالتطريب، وبالتلحين، وبالتحزين.
قال الأهوازي: سمعت جماعة من شيوخي يقولون: لا يجوز للمقرئ أن يقرئ منها بخمسة أضرب: بالترعيد، والترقيص، والتطريب، والتلحين، والتحزين.
وأجازوا الإقراء بالخمسة الباقية، إذ ليس للخمسة أثر، ولا فيه نقل عن أحد من السلف، بل ورد إلينا أن بعض السلف كان يكره القراءة بذلك.
حدثنا أبي -رضي الله عنه- حدثنا الحسين بن عبيد الله، حدثنا ابن عبد الوهاب، حدثنا الأهوازي، حدثنا علي بن محمد النحوي بدمشق، حدثنا علي بن يعقوب، حدثنا أحمد بن نصر بن شاكر، حدثنا الحسين بن علي بن الأسود العجلي، حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، قال: القراءة لا تُطَرَّب، ولا تُرَجَّع.
حدثنا أبو علي الصدفي قراءة عليه، حدثنا عبد الله بن طاهر البلخي ببغداد، حدثنا محمد بن عبد الله المقرئ وغيره، قالوا: حدثنا علي بن أحمد الخزاعي ببخارى، حدثنا الهيثم بن كليب، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا نوح بن قيس الحداني، عن حسام بن مصك، عن قتادة قال: ما بعث الله تعالى نبيا إلا حسن الوجه، حسن الصوت، وكان نبيكم -صلى الله عليه وسلم- حسن الوجه، حسن الصوت، وكان لا يرجّع.
قال أبو جعفر: أما الترجيع، فقد جاء في الصحيح من رواية معاوية بن قرة عن عبد الله بن مغفل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد تُؤوِّل الحديث.
ونرجع إلى الحكاية عن الأهوازي: حدثنا أبو الحسن، حدثنا أبو القاسم، حدثنا الأهوازي: أما الترعيد في القراءة: فهو أن يأتي بالصوت إذا قرأ مضطربا، كأنه يرتعد من برد أو ألم، وربما لحق ذلك من يطلب الألحان.
وأما الترقيص: فهو أن يروم السكوت على السواكن، ثم ينفر مع الحركة كأنه في عدو وهرولة، وربما دخل ذلك على من يطلب التجويد والتحقيق، وهو أدق معرفة من الترعيد.
وأما التطريب: فهو أن يتنغم بالقراءة ويترنم، ويزيد في المد في موضع المد وغيره، وربما أتوا في ذلك بما لا يجوز في العربية، وربما دخل ذلك على من يقرأ بالتمطيط.
وأما التلحين: فهو الأصوات المعروفة عند من يغني بالقصائد وإنشاد الشعر، وهي سبعة ألحان، وقد أتى القرآن بثامن ليس في أصواتهم، والذي يلحن إذا أتى باللحن لا يخرج منه إلى سواه.
وقد اختلف السلف في جواز ذلك، فكرهه قوم وأجازه آخرون، فأما الإقراء به فلا يجوز، ولا بالتطريب، ولا بالترقيص، ولا بالتحزين، ولا بالترعيد، على ذلك وجدت علماء القراءة في سائر الأمصار.
حدثنا أبو الحسن، حدثنا أبو القاسم، حدثنا أبو علي قال: وسمعت أبا الفرج معافى بن زكرياء الحلواني يقول: حضرت يوما عند ابن مجاهد، وقرأ عليه قارئ فطرَّب، فقال له ابن مجاهد: ما أطيب هذا! أخبئه لبيتكم.
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عتاب قراءة مني عليه، حدثنا أبي، حدثنا أبو المطرف القنازعي، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو العلاء الوكيعي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن الأعمش أن رجلا قرأ عند أنس فطرَّب، فكره ذلك أنس.
وبه إلى أبي بكر قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا عمران بن عبد الله بن طلحة أن رجلا قرأ في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان فطرب، فأنكر ذلك القاسم بن محمد وقال: يقول الله تعالى: {لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41، 42].
حدثنا أبو علي الغساني في جماعة قالوا: حدثنا أبو عمر النمري، قال: حدثنا خلف بن قاسم الحافظ، حدثنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زيد، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن ثور بن عمرو، حدثنا أبي، حدثنا عقبة بن علقمة، حدثني مالك بن أنس عن أبان بن أبي عياش قال: سمع أنس بن مالك رجلا يقرأ بالألحان، فرفع حريزة كانت على حاجبه، وأرانا عقبة، فقال أنس: ما كنا نعرف هذا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
نرجع إلى كلام الأهوازي، حدثنا أبو الحسن، حدثنا أبو القاسم عنه قال: وأما التحزين: فإنه ترك القارئ طباعه وعادته في الدرس إذا تلا، فيلين الصوت، ويخفض النغمة كأنه ذو خشوع وخضوع، ويجري ذلك مجرى الرياء، لا يؤخذ به، ولا يقرأ على الشيوخ إلا بغيره.
قال: وإنكار شيوخنا الأخذ بما ذكرت عنهم نقل نقلوه عن سلفهم؛ لأنهم متبعون غير مبتدعين.
قال أبو جعفر: قال عبد الملك بن حبيب: ولا بأس أن يحزن القارئ قراءته من غير تطريب ولا ترجيع يشبه الغناء في مقاطعه ومكاسره، أو تحزينا فاحشا يشبه النوح، أو يميت به حروفه، فلا خير في ذلك.
وأما ما سهُل منه فذلك مستحسن من ذوي الصوت الحسن.
قاله مطرف وابن الماجشون عن مالك.
نرجع إلى كلام الأهوازي، حدثنا أبو الحسن عن أبي القاسم عنه قال: وأما الحدر: فإنه القراءة السهلة السمحة الرتلة، العذبة الألفاظ، اللطيفة المعنى، التي لا تخرج القارئ فيها عن طباع العرب، وعما تكلمت به الفصحاء بعد أن تأتي بالرواية عن الإمام من أئمة القراء على ما نُقل عنه من المد والهمز، والقطع والوصل، والتشديد والتخفيف، والإمالة والتفخيم، والاختلاس والإشباع، فإن خالف شيئا من ذلك كان مخطئا.
والحدر عن نافع إلا ورشا، وابن كثير وأبي عمرو.
وأما التجويد: فهو أن يضيف إلى ما ذكرت في الحدر مراعاة تجويد الإعراب، وإشباع الحركات، وتبيين السواكن، وإظهار بيان حركة المتحرك بغير تكلف ولا مبالغة، وهو على نحو قراءة ابن عامر والكسائي.
وليس بين التجويد وتركه إلا رياضة من يُحسنه بفكِّه، والقراءة هي على طباع العرب، تحسن وتزين بألسنتهم، كما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وكما جاء عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المتقدمين، رحمة الله عليهم أجمعين.
وأما التمطيط: فهو أن يضيف إلى ما ذكرت زيادة المد في حروف المد واللين، مع جري النفس في المد، ولا تدرك حقيقة التمطيط إلا مشافهة، وهو على نحو ما قرأت به عن ورش عن نافع عن طريق المصريين عنه.
ومن التمطيط أيضا أن يثبُت القارئ على الإعراب في موضع الرفع والنصب والجر، نحو قوله تعالى: {الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ}، و {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ}، و {مَا مَنَعَكَ أَنْ} [ص: 75] ونحو ذلك.
وأما غير المصريين، من البغداديين والخراسانيين والأصبهانيين، فإنهم يأخذون عن ورش عن نافع بغير تمطيط.
وأما اشتقاق التحقيق: فهو أن يزيد على ما ذكرت من التجويد روم السكوت على كل ساكن ولا يسكت، فيقع للمستمع أنه يقرأ بالتحقيق، وكذلك جميع ما نذكره من التحقيق فإنه يرومه.
وهي تقرأ بعد القراءة بالتحقيق ليعلم أنه قد ضبط ذلك، وهي رياضة، وربما أُخذ بذلك لغير حمزة، وذكر هنا الحكاية المتقدمة عن أبي الحسن العلاف.
وأما التحقيق: فهو حلية القراءة، وزينة التلاوة، ومحل البيان، ورائد الامتحان، وهو إعطاء الحروف حقوقها، وتنزيلها مراتبها، ورد الحرف من حروف المعجم إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وشكله، وإشباع لفظه، ولطف النطق به، ومتى ما غير ذلك زال الحرف عن مخرجه وحيزه.
وأصل التحقيق المد والهمز والقطع والتمكين، وأن يكون ذلك وزنا وكيلا واحدا، لا يفضل شيء على شيء في المد والقطع، والسكت والتشديد والتخفيف، وأن يكون المد سالما من جري النفس معه، والقطع من تنفير الساكن بعده، والسكت من قطع النفس، والتشديد من أن يكون أثقل من إظهار حرفين، والتخفيف من الاعتماد عليه، وأن يكون المخفي عندما أُخفي عنده أقل من حرفين وأكثر من
حرف.
ومعنى ذلك أن يكون المخفي بين المشدد والمخفف.
ومشى الأهوازي على حروف المعجم فوصى فيها بالتزام حدود قد رسمها كل من ألف في التجويد.
وليس كتابي هذا موضوعا لذلك، فلم أرد إطالة به، وإنما كان غرضي التعريف بحد كل إمام من أئمة السبعة في قراءته، وما يجوز من أساليب القراءة مما لا يجوز.
وأنا أوصي الطالب بحفظ مخارج الحروف وصفاتها، وقد ذكرتها في باب الإدغام، وأعرفه أن صفات الحروف أغمض من مخارجها، وأدق لمن أراد تحصيلها.